بص شوف


Thursday, December 21, 2006

انتحار عاشق 1

إنتحـــار عـــاشــق 1
*
اذا كنت أحد الجالسين على كورنيش النيل في هذه الليلة من ليالي الصيف فأنت قطعاً تحتاج للقدرة على قراءة الأفكار لكي تستطيع فهم هذه الواقعة فلم يكن أحد يتخيل أن يكون هذا الشاب الوسيم إلى حد ما الأنيق إلى حد ما أيضاً الجالس فوق سور الكورنيش شاخصاً ببصره للنيل وكأنه يحادثه, لم يتصور أحد أنه مقدم على الانتحار وأن سكونه هذا هو السكون الذي يسبق العاصفة وأنه يخبر الدنيا في صمت
ويرسل رسالته عبر موجات النهر ليعرفها كل عاشق قرر أن يخوض تجربة الحب وذاق بعضاً من حلاوته فتخيل أن بستان الورد كله ورد ولم يدر أن به أشواكاً
ولنذهب معاً لنحتل هذا الجزء الصغير في مقدمة رأس هذا العاشق ولنعرف سوياً فيم كان يفكر قبل أن يقدم على الانتحار

برغم هدوءه الشديد في موقعه على سور الكورنيش إلا أن رأسه كان بها عاصفة من الأفكار والذكريات

كان قد اعتاد الجلوس على الكورنيش بصحبة أحبابه وأصدقائه ولكن اليوم كان وحيداً .... نظر إلى النهر وتذكر أول حب في حياته ........................................

(1)
أول مرة تحب يا قلبي

كانت في مثل سنه تقريباً ... هو يكبرها بأيام ولكنها باتت كأنها توأمه ... أول ما عرفت عيناه كانت هي... أول حب في عمره القصير .... ويا له من حب ... حب الطفولة الأول الحب العذري الخالي من أي شهوة أو رغبة أو طمع ... كانت تملأ عليه دنياه وكان يريد أن يجلب لها الدنيا بين يديها وستضحكون عندما تعلمون انه كان يدرك هذا الإحساس عندما يجلب لها مصاصة أو شيكولاتة من مصروفه الخاص
عاشا معاً طفولة مثيرة لعب ومرح وفسح..... هذا النيل نال من طفولتهما شيئاً ما فقد جمعهما في نزهة بالمركب أو حتى بالتمشية على ضفافه يوما ً ما

وطوال سنين عمره كان يحبها .... حباً يشبه هذا النهر... نهراً من حب خالص لا تشوبه شائبة .... لا تصفه كلمة.... حباً لم يدرك له وصفاً هل هو حب أخوي أو حب عاطفي... هل هو حب الصديق لصديقه...... لم يعرف أبداً

وكان كلما كبرا أدرك معنىً للحب لم يكن يدركه وعرف أن للحب سمواً ونبلاً وأن أخلص حب أن تحب لمن تحب ما يسعده ويرضيه وأن الحب ليس تملكاً فقد تستطيع أن تحب على البعد وترضى بحبك ... والمهم أن يرضى حبيبك

كم من المشاهد عبر خياله في هذه اللحظات تذكر عندما كانا معاً في نزهة وتعرفا على بنت من سنهما تقربت إليه في بساطة لم تعجب صاحبته وتذكر نظراتها المغتاظة الغيورة على صاحبها ترك البنت وذهب معها وأصبحت طرفة يتذكرونها بين الحين والآخر...

تذكر كم كانت تغلفه النشوة وهي تتأبط ذراعه وبعد لم يتعديا مرحلة الطفولة وهما يسيران معاً أمام أسرتهما في أي نزهة وقد اعتادت الأسرتان على رؤيتهما كذلك

تذكر كم عانى عندما علم أنها أخفقت في اجتياز الثانوية العامة بمجموع كبير وتألم ألمها.. وهي على البعد فقد غادرت بلدته وقد اقتصرت رؤيته لها على اجازة الصيف
تذكر كل شئ عنها في لحظات

نظر حوله أدرك أن كل مشغول بحاله عاشقان يتهامسان ... أب يجري وراء ابنته الصغيرة يلاعبها ... وثلاثة من الشباب يتسكعون خلف فتاة متوسطة الحسن يلاحقونها بعبارات قد تبدو كوميدية ولكنه لم يعر كل هذا أي اهتمام عاد للنهر وللذكريات...

عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره كان قد بدأ في كتابة أولى قصائده الشعرية والتي أخرجت مكنون ذاته من خلال أبيات منظومة أقسم كل من سمعها أنها لشاعر كبير وليس لهاوٍ مثله
ولم يكن يهتم بنشرها أو ما شابه إذ كان يكفيه أن يسمعها لأصدقائه المقربين وحين أدرك انه يستطيع أن يسألها السؤال الذي دار في خلده طويلاً وهو ماذا يكون بالنسبة لها أو هل تحبه أم لا سألها شعراً في قصيدة قد يبدو عنوانها غريباً
" حبيني أو حبي غيري" نعم فلم يكن يطمع في أن تحبه كل ما كان يهمه أن يحدد لها مجرى في نهر الحب وأن يخصص لها قناة تسميها كما يحلو لها قناة الأخوة ...أو العاطفة ....أو الصداقة سألها وترك لها الإجابة

وقبل أن يتلقى الإجابة منها تلقاها من أقرب أصدقائه إليه واليها فقد كان توأمهما الثالث ..... وكان النهر شاهداً عليهم حين أخبره في نزهتهما فوق أحد الكباري النيلية الشهيرة أنهما يميلان لبعضهما البعض وانهما صارح كل منهما الآخر واتفقا
ولكم أن تتخيلوا شعوره حينها.........؟

البعض قد يتصور غضباً... البعض قد يتصور حزناً... لكنه على العكس...كان يرى نصف الكوب الممتلئ فهاهو يطمئن عليها بين يدي أعز أصدقائه ويعرف انه سيحافظ عليها والأجمل من ذلك أنها لن تبتعد عنه

خرج من عالم الذكريات على صوت بنت صغيرة تحاول أن تبتاعه مناديلاً ورقية ويبدو أنه لم يرد أن تخرجه من حالته بمحاولاتها فاشترى منها وتركها تنصرف في هدوء
وضع المناديل بجانبه وعاد للذكريات

تذكر حين جاءته حبيبة الطفولة بدموعها وكيف أن صديقهما قد جرح مشاعرها بتركه لها بطريقة غير لائقة وتذكر كلمات قصيدته التي كتبها عن لسانها والتي قال فيها ما تريد أن تقوله هي مسمعاً إياها للدنيا وساعد ذلك كثيراً على تخطيها هذه المحنة وفي نفس الوقت بدا وكأنها تقترب منه.... حينها اختلط حابله بنابله فهاهو قد ابتسم له قدره بحب جديد فهل يضحي بالجديد من أجل القديم أم يفعل ما عاش عمره كله ولم يفعله ويجرح أحبائه ؟؟ عاش فترة عصيبة وقد بدا له أنها تقترب أكثر فأكثر والغيرة تدب في قلب الحبيبة الجديدة وتذكر عندما جاءته بعدها تفضفض له عن حب جديد لزميل لها في الدراسة حينها وعلى الرغم من سخرية القدر منه لكنه أيضاً سمعها ونصحها ووقف بجوارها ولم يبدل هذا من مشاعره تجاهها شيئاً... هي الآن زوجة هذا الزميل لها منه طفلة جميلة
وقد انتقل حب أمها لها في قلبه وأيضاً كتب لها (الطفلة) شعراً
تذكر كل هذا وتذكر انه لم يعرف إحساس الكراهية مطلقاً وأن كل ذكرياته لا تحمل إلا الأجمل فيمن يتذكرهم ... تذكر أيضاً أنه حتى هذه اللحظة يعيش وحيداً بعد كل مر به من تجارب وأحداث وأناسٍ بدو وكأنهم أحباء

قطع حبل الذكريات فجأة حيث لا فائدة أن يتذكر كل هذا وهو مقدم على الانتحار.... نظر طويلاً إلى النهر في صمت وكأنه يشهده على ما سيفعل.....و
ترى هل سيفعلها حقاً

قبل أن تجيب الأقدار على هذا السؤال لحظة من فضلكم

اليوم ولأول مرة هنـجــرب مـــع بعض حاجة جديدة هنسميها (الرواية التفاعلية) .. بمعنى.. إن العاشق واللي هنسميه مجازاً "هاني" لسة موجود عالكورنيش وبيفكر في الانتحار... لو في حد عايز يوجه له سؤال أو حتى نداء بالعودة تقدروا تبعتوا له رد وانا هأوصل له كل نداءاتكم وفي نفس الوقت هو هيستمر في سرد ذكرياته عن كل حب قابله في حياته ومين عارف ممكن نقدر نخليه يعدل عن قرار التخلص من حياته

هاني ممكن يكون أنا ممكن يكون انت ممكن يكون اقرب الناس لينا .. كلمة منك ممكن تكون الفيصل في تقرير مصيره

هانتظر تفاعلكم مع الحدث ويا رب تلحقوه قبل ما يعملها


البقية الحلقة الجاية
باقلامكم انتم هتكتبوها
هاني راتب

No comments:

انا وحبيبي

آخرة اللي اللي يحاول يفكر

آخرة اللي اللي يحاول يفكر